حوار مع الفنان حسين الشربيني

حسين الشربيني : الفن إنعكاس لحالة البلد و هو أول شيء يصاب بالتدهور @@@@@@@@@@@@
الرغبة ، طريق الشر ، الأفوكاتو , ...... غيرها من الأفلام ما يتجاوز ال 90 فيلما فضلا عن الأعمال الإذاعية و التلفزيونية و المسرحية غاب عن الشاشة منذ ما يقرب الثلاثة أعوام أثر تعرضه لحادث أصابه بصعوبة في الحركة لكنه يبقى واحدا من عباقرة الفن المصري ، أنه الفنان حسين الشربيني ، الذي أثرى الكوميديا بإبتسامات صافية تخلو من التصنع الكوميدي الذي قد نراه كثيرا لدي الفنانين المعاصرين بدأ رحلته الفنية منذ 1960 و حتى 2003 . حسين الشربيني الفنان الأب و الإنسان يفتح قلبه في حوار مغلف بالأمل و التفاؤل و حب الحياة و لم يخل من قفشاته الشربينية المعهودة .
أخبرني كيف وقع الحادث الأخير بالضبط .
كنت في العجوزة أصور حلقة من برنامج بين الناس بعد انتهاء التصوير دخلت أحد المساجد لأتوضأ و أصلي العشاء أثناء الوضوء فقدت اتزاني و وقعت مما سبب لي كسر في مفصل ساقي اليسرى و تم نقلي الى مستشفى مجاورة و كانت قطاع عام هناك قالوا لي أنه اليوم الخميس و لا يوجد أطباء في المستشفى عليك أن تنتظر ليوم السبت ، تتصوري … !! قاموا بعمل أشعة فقط ، اتصلت بزوجتى و أخبرتها بما حدث فجاءت و نقلتني إلى مستشفى خاص في مصر الجديدة و تم إجراء عملية و تركيب مفصل صناعي مكثت في المستشفى أسبوعا و بعد خروجي كنت مازلت اشعر بعدم اتزان في مشيتي لدرجة أني وقعت أكثر من مرة فعرضت نفسي على طبيب أمراض عصبية أكتشفت أني مصاب بجلطة في مركز الاتزان في المخ كتب لي الطبيب أدوية و علاج طبيعيا ثم سافرت إلى مستشفى في السعودية ( مستشفى سليمان الفقيه ) و عملت فحص طبي شامل هناك و كانت العناية فائقة و ممتازة هنا تدخلت زوجته التي شاركتنا الحوار قائلة رغم أن كل الأطباء كانوا مصريين هناك إلا أن أسلوب تعاملهم مع المريض مختلف تماما عما لاقيناه في مستشفيات مصر.
كيف تعايش بعد ذلك مع نتائج الحادث ؟
منذ 4 يوليو 2003 و حتى اليوم هذه الإصابة أحيا بها و تحيا معي لكن الحمد لله لم يصيبني اليأس و لا الإحباط و لا الجحود و رضيت بما قسم الله لي ،الحادث كمان كان فرصة ممتازة لأاجلس في البيت بعد رحلة عمل طويلة استمرت ما يقرب 43 عاما منذ 1960 فكانت فرصة جيدة لأقرأ كثير من الكتب لم اقراها من قبل و أحفظ من القران ما لم أكن أفعل من قبل أيضا و تقربت من الله أكثر هنا تدخلت زوجته قائلة و فرصة ليجلس معي كثيرا عن ذي قبل .
ماذا عن الفن في حياتك الان ؟
توقفت حياتي الفنية بعد الحادث نهائيا ، لم أعد أجد أي دافع أساسا لممارسة الفن الآن و من الأساس لم يعد هناك فن ، أصبح الفن عشوائيا لا لون ولا طعم ، أخجل من أن أطلق عليه فنا فهو مثل المساكن العشوائية .
تفتكر لماذا صار الفن في مثل هذه الحالة المتردية ؟
لان البلد كلها فوضى لا شيء عليه القيمة لا رياضة موجودة و لا تعليم موجود و لا اخلاق و لا ضمير بالتالي و لا فن ، الفن دائما أول شيء يصاب بالفساد و التدهور و التدني ، حين أشاهد أي من الأفلام الجديدة لا أخرج بشيء مفيد على العكس عندما أشاهد أفلام لشكري سرحان و شادية و فاتن حمامة أجد قيم و معاني و أخلاق و فن حقيقي ، حتى سنة 1967 كان الفن مزدهرا جدا لكن بعد الهزيمة بدأ الناس يشعرون بالإحباط و استمر ذلك حتى بعد انتصار 1973 فلم يكن انتصارا كاملا ، كلها عوامل أاثرت في الناس و بالتالي الفن حتى اصبح كل شيء يستوى في نظر الناس الحرامي مع الشريف العلم مع الجهل الفن مع اللا فن ، أتمنى أن يكون الفن المصري عالميا ، لكن هذا لن يحدث طالما ليس هناك شخصية مميزة في العمل الفني الأفلام الان ليس فيها الطابع المصري فما تظهره الافلام و المسلسلات أن الشعب المصري دائما يرقص و يغني و يضحك و يهرج و هذا غير معقول ابدا هل هذا الشعب لا يعاني من مشكلات جمة و لا حصر لها فن اليوم لا يعالح المشاكل أو حتى يعرضها .
هل يعقل أن كل الاعمال الفنية الآن تافهة و لا جودة مطلقا في أي شيء لا موضوع و لا ممثلين ؟
الجيل الصاعد حاليا لدية امكانيات رائعة جدا لكنهم لا يستخدمونها في مكانها الصحيح محمد هنيدي مثلا كان له ادوار ممتازة في المسرحيات ، و الحقيقة أن كل الموضوعات تافهة ليست بالمستوى الفكري أو الإجتماعي الذي يتساوى مع المشاكل الموجودة في البلد لا يوجد موضوعات جيدة سوى القليل جدا أذكرفيلم عايز حقي كان موضوعه جيد جدا أعجبني كثيرا و الأفلام الموجودة تعجب الشباب المراهق الذي يريد أن يستريح بعد الإمتحانات واللي سقط في الإمتحان و الللي مش عارف إيه ، يريد ان يضحك فقط .
يقال أن الجمهور هو اللي عايز كدا؟
الجمهور لا يريد الجمهور تعود على هذا النوع من الفن ، هاتيلي فيلم واحد يؤثر في الشباب فين الأغاني الوطنية فين أغاني أم الدنيا فين القضايا الإجتماعية اللي بنعاني منها فين قضايا البطالة و الأأمية و غيرها الكثير الشعب الآن عايش في غيبوبة و انفصام حدث له احباط نتيجة ظروف كثيرة ، القائمين على الفن الآن لا يقدرون أن مصر تحمل مسؤلية الفن في العالم العربي ، عقلية المنتجين هي السبب لأنهم لا يهمهم سوى أن يجعلوا المليون جنية 10 مليون فلو عملوا فن جاد مش هيجيب لهم فلوس .
بعيدا عن الفن ماذا عن حياتك الخاصة ؟
متزوج و لي بنتان و 4 أحفاد . لم نرى أي منهما دخل مجال الفن أو التمثيل ؟ لم يهتم بناتي بالفن و لم يستهوه أصلا و أنا نفسي كنت أحاول دائما ابعادهم عنه ثم مازحا ( كنت عايز اكون الممثل الوحيد و الشهير الوحيد في العيلة ) .
ألم يكن لديهن مواهب فنية ؟
لا كان لديهم هوايات فنية كانت سها تقرأ الاسكريبتات و تتفاعل معها و حتى الآن مازال لديها هذه الهواية و نها أيضا كانت رسامة جيدة جدا و دمها خفيف و أمورة و تنفع ممثلة كوميدية لكني فضلت ابعادهم.
كيف بدأ مشوارك الفني ؟
أنا أساسا خريج آداب قسم اجتماع جامعة القاهرة ثم معهد فنون مسرحية لم يكن ابدا من طوحاتي أن أكون ممثل مشهور كنت أتمنى العمل في التدريس و خصوصا الجامعة خاصة انه كان لي خبرة في النشاط الجامعي و الثقافي اثناء دراستي في الجامعة بعد التخرج القوى العاملة عينتني في السكة الحديد في أسيوط و هذا مجال بعيد عن امكانياتي و مؤهلاتي و أنا بطبيعتي لا أحب العمل الروتيني الثابت في البداية قالوا أنت ستكون المدير لأنك مؤهل عالي رغم أن خبرتي في هذا العمل لا تؤهلني ابدا أكون المدير مكثت في اسيوط فقط 11 يوما ذهبت في آخرهم إلى الجامعة اسيوط كانت جديدة وقتها ذهبت لمقابلة مديرالمستخدمين قال لي أن نشاط التمثيل في اسيوط غير مرغوب فيه فسافرت الى القاهرة دون أن أخبر أحد ، مازحا ( و مازال لهم علي الآن 11 يوم شغل بفكر أرفع عليهم قضية ) .بعد عودتي للقاهرة عملت صحفي في الجمهورية 7 ايام جعلوني مندوب الجهاز المركزي للمحاسابات كان العمل روتيني و ممل جدا كان كل وظيفتي أجلس لإنتظار الأخبار أذكر موقف واجهني في عملي اثناء وجودي في الجهاز حصلت على كتاب و فيه قضية عن موظف اختلس 11 قرش حكم عليه ب 3 شهور سجن كان هذا الخبر في 1945 و نحن في عام 1962 تخيلت أن للخبر رنين ما فقدمته لمدير التحرير طبعا أنت متخيلين اللي حصل من تقديم خبر قديم ، المهم لم احب العمل في الصحافة ،أعلنوا بعد ذلك عن مسابقة المذيعين في التلفزيون و كان وزير الإعلام وقتها عبد القادر حاتم هو الذي أمتحني و نجحت في الإمتحان و دخلت دورة تدريبية لمدة 3 شهور وجدت الشغل مجرد أن أقرا أخبار و خلاص شغلانة مملة ليست مثيرة و لا مستفزة ، ثم أعلنوا عن عمل فرقة مسرحية في التلفزيون فقدمت فيها و نجحت و أبتديت رحلتي من يومها حتى 2003 ،أشتغلت في مسرح التلفزيون و مسرح الحكيم و المسرح القومي ثم أنتقلت للقطاع الخاص مدة طويلة .
هل ترضى عن رحلتك الفنية الطويلة ؟
الحمد لله عملت مسرحيات كثيرة في التلفزيون و السينما و الاذاعة و الحمد لله كانت الرحلة موفقة .
هل مازلت تحتفظ باكسسواراتك التي استخدمتها في رحلتك الفنية ؟
مازلت احتفظ بملفاتي و دوسيهات
السيناريوهات و الاكسسوارات و بكل ما كتب عني في المجلات و الجرائد و الجلاليب البلدي (مش عارف هعمل بيها ايه ( ضاحكا ) بفكر اعرضها للبيع) عندي حاجات كثير و ليس لدينا متحف لحفظ مثل هذا التراث الفني صحيح في مركز السينما يختفظ بهذا التراث لكنه لا يكفي .
هل من الممكن أن تعود الان إلى الفن ؟
لو وجدت شيء يستحق مني التضحية و الخروج من البيت أنزل ، لأني عملت أفلام كثيرة و أدوار كثيرة فحدث عندي تشبع ، القدرة الإانسانية مهما كانت محدودة أنا لا أقتنع بموضوع مازال جواه طاقات يعني ان لم تكن خرجت متى تخرج صحيح قدرات الفن متجددة دائما لكن قدرات الانسان مهما
كانت محدودة.
ما الأسماء التي يمكنها أن تعود بك إلى الفن أو اللذين تحب التهامل معهم ؟
لا يهمني الاسماء بقدر ما يهمني الموضوع و الشخصية التي اؤديها فلكي اعمل بعد 45 سنة من حياتي الفنية فلابد ان يكون عمل له ثقل و وزن يذكر لي و لن اضيع تاريخي.
هناك فعلا ممثلين كبار يعملون بالتمثيل الآن بغض النظر عن تاريخهم ؟
المشكلة أن الممثل الكبير في بلدنا ليس له قيمة بمعنى أنه يحال إلى المعاش رغم أن تفاوت السن في التمثيل مهم جدا فهناك دور الأب و دور الجد كل عمر و له طبية درامية لكن دايما في أفلام اليومين دول يعتمدوا على الشباب فقط ( مستفهما هو الشباب دا ما لوش أب و لا أم !!!!) و أما دور الكبار عادة ما يكون كومبارس و قد يلجا الممثل لعمل أدوار اقل من تاريخة لأنه يشعر أنه لم يعد مطلوب في العمل مما يصيبة نفسيا باثر سيء.
أخيرا : كنت أول ممثل يشارك الناس على منتديات الأنترنت ؟
اكيد لست الوحيد لكنها كانت تجربة ممتعة جدا لكني توقفت بسبب أن الجلوس على الإنترنت و الرد على كل المشاركات يحتاج إلى تفرغ كامل لكن كثيرا ما أشارك زوجتى أثناء مشاركاتها في المنتديات .